ان الجريمة وجدت منذ القدم وكان ظلها الذي لم يفارقها هو العقوبة التي استخدمتها المجتمعات البشرية وعلى مختلف تطورها الحضاري كأداة لمكافحتها وقد استمر استخدامها على مدى أجيال عديدة كانتقام من الجاني حتى انها بلغت مستوى من القسوة والشدة والوحشية مما دفع الكثير من المفكرين الاجتماعيين ومنهم المفكرين الجنائيين بصورة خاصة إلى المناداة للحد من هذه القسوة والشدة من ناحية وجعلها من ناحية أخرى وسيلة لاقتلاع القيم الفاسدة من شخصية الجاني الذي انزلق إلى هاوية الجريمة نتيجة عوامل متعددة وغرس القيم الصالحة بدلاً منها لإعادته إلى حظيرة مجتمعه كعضو نافع فيه وقد وجد ذلك ضالته في نظام الأعذار القانونية المخففة الذي أنبثق نتيجة لتطور المجتمعات الإنسانية في سلم الحضارة فقد تطورت وظيفة تلك الأعذار بحيث أصبحت من الوسائل الهامة في التفريد القضائي للجزاء الجنائي بحيث تحقق الانسجام بين النصوص القانونية المجردة وواقع الحياة المتطور مما جعل العقوبة متناسبة مع جسامة الجريمة وظروفها وظروف المجرم بالإضافة إلى التخفيف من شدة وقسوة العقوبة . وبناءاً على ذلك فان القوانين العقابية اخذت تنص على الاعذار القانونية المخففة ومن تلك القوانين قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 حيث نظم احكامها في المواد من (١٢٨/129/130/131) . وبناءاً على تلك الاعتبارات نجد أن دراسة الموضوعات الخاصة بالمسؤولية الجزائية وما يتعلق بها من عقوبات وما تطرأ على المسؤولية من اسباب لتخفيفها من الموضوعات المهمة التي يستند اليها القاضي في المحاكم الجزائية في احكامه حيث ان قانون العقوبات العراقي اعطى القاضي في تلك المحاكم سلطة تقدير العقوبة حيث حدد القانون حدین ادنی واعلى للعقوبات وبما ان لكل جريمة ظروفها وملابساتها ودوافعها فالقاضي عند فرض العقوبة يأخذ بنظر الاعتبار تلك الاعذار فقد قيل أنه ليس للقاضي ان يحكم بالعقوبة ذاتها على كل متهم يرتكب جريمة مماثلة للجريمة التي يرتكبها متهم آخر فان الجرائم وان تشابهت بأركانها الا ان لكل جريمة ظروفها الخاصة ومن هذه الامور التي تحيط بالجريمة والمجرم وتؤدي الى إنقاص العقوبة دون حدها الادنى هي الاعذار القانونية المخففة والتي هي على نوعين عامة وخاصة والتي نص القانون على الأخذ بها عند تحققها في الواقعة المنظورة من قبل المحكمة .